لاجلك يامدينة الصلاة........

على صدركِ الوادع استلقتْ ورود السلام، واستعادت مشهداً لن تنساه الذاكرة البشرية، وتضرّج خدّ المحبّة عبقاً، فهاهو رسول المحبّة والسلام وأمّه مريم الطاهرة النقية وجهان يسيلانِ بشْراً وحبوراً لأنّ القدس كانت وستبقى عربية الوجه واليد واللسان،

والفتى العربيّ فيها لن يكون غريباً، بل هي التي ستنتفض لطرد الغرباء شذاذ الآفاق الذين اندسّوا في نقائها طاعوناً أصفر لا يريد لأحد أن ينجو من شرّه.‏
هي عاصمة الثقافة العربية لعام 2009 وستكون عاصمة الثقافة العربية لأجيال آتية على الدرب، تعرف قيمة القدس ولن تتردد في تقديم التضحيات دفاعاً عن عروبة هذه المدينة المقدّسة.‏
هي عاصمة لأنها عصمت الحقّ فلن يقدر الباطل وهو يواجه هذا الحقّ على طمس معالم الأشياء، وإضاعة حدود معالم الأشياء، فالذاكرة الإنسانية لم تمرّ ولن تمرّ بتلك الحالة التي وصفها الشاعر بقوله:‏
لم نميّزْ محبباً من بغيضٍ في الدجى لا تُميَّزُ الألوانُ‏
العالم كلّه يعرفُ أنّ القدس عاصمة فلسطين العربية التي لن ينجح مسلسل تهويدها، ولن تستطيع المستوطنات الصهيونية تغيير معالمها التاريخية، وعروبة الأقصى فجر يبدّد الظلمات التي سمّوها ضلالاً بالحفريات، والصهاينة عندما يقدمون على مسلسل الحفريات تحت الأقصى وحوله، يحفرون لأنفسهم أنفاق الخزي والعار وسيجدون أنهم بضاعة جاهزة للتصدير إلى تلك الأنفاق، وسينهال عليهم تاريخهم الأسود ضرباً وشتماً لأنهم لم يبقوا فيه سطراً أو جملة تحلم باللون الأبيض‏
والثقافة تجد في القدس عاصمة لها لأنها هي التي اخترعت أبجديّة النضال، وانتفض كلّ بيت فيها مطبعة توزّع منشورات الصمود على أبنائها البررة ليزدادوا التصاقاً بالأرض، الأرض النقية التي قالتْ لهم ارضعوا حليب العزة وليس لكم فطام عنه، فلبّوا النداء دون تردّد، وهاهي قوافل الشهداء تترى يوماً بعد يوم تسجّل ملاحم جديدة في ثقافة الدفاع عن الأرض والعرض، والتطلّع لبناء غد حرّ كريم، غدٍ مشرق يصرخ في وجه الغاصب المحتلّ، ويقسم على تحطيم الأغلال والقيود وليس يحنث أبداً.‏
لكنّ طعم هذه الثقافة اختار اللغة العربية لأنّ كلّ ذرّة من تراب فلسطين والقدس عاصمتها الحرة المستقلة لا تعرف الرطانة، وتتحدّث العربية بطلاقة لأنها لغتها الأم ولا ترضى عن هذه اللغة بديلاً.‏
ولتحاول دولة العصابات كيان الحقد والعنصرية أن تحمل غربالها لتحجب به ضوء الشمس، وسيمضي العالم ساخراً من محاولتها البائسة، التي ستذهب أدراج الرياح. لتحاول إخفاء معالم الفرحة التي عرّشتْ في البيوت المقدسية عندما اختارها الوجدان العربيّ عاصمة للثقافة العربية، فأبناؤها مصمّمون على الانتماء إلى الأمة العربية الواحدة، جذورهم حفرت مكانها الراسخ في التربة العربية ولا انفصال لهذه الجذور عن أرض الآباء والأجداد والأبناء والأحفاد، وليظلّ الكيان الإرهابيّ في معاناته مع حالة الانفصام الذي سيعاني منه مادام مصرّاً على استمرار احتلال أراضي الغير والعدوان واغتصاب حقوق الآخرين.‏
وأنتِ يا قدسُ الجريحة ما عسانا نقول لكِ وقد تزينتِ عروس عزة وكرامة؟!‏
قد تكون الكلمات الواقفة في باب عنفوانكِ مصابة بشعور من التقصير والعجز عن اختيار الورود المناسبة لتزيّن بها هامتها قبل أن تسرع إلى صدرك لتتزين به ، ستقول لك إنكِ وردة الشهادة التي يغمر أريجها النفّاح الدنيا كلّها، وستظلين وسام البطولة الذي يستنفر الرجال ليروك حرة ترفين زهرة المدائن وعاصمة البطولة في ضمائر أحرار العرب كلهم.‏