العين هى الدرة الثمينة التي لا تقدر بثمن، وقد سماها الله تعالى الحبيبة
والكريمة،
كما جاء في حديث رواه البخاري: أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال:
«إن الله عز وجل قال: إذا أخذت كريمتي عبدي - وفي رواية
حبيبتي عبدي - فصبر واحتسب لم أرض له ثوابًا دون الجنة».
وخلق
العين من أعظم أسرار قدرة الخالق عز وجل ، فهي برغم صغرها بالنسبة إلى كل
المخلوقات من حولها، فإنها تتسع لرؤية كل هذا الكون الضخم بما فيه من
سماوات وأراضين وبحار وكل المخلوقات.
وحاسة البصر تأتي في المرتبة
الثانية من الأهمية بعد السمع، فيقول تعالى: {إنا خلقنا الإنسان من نطفة
أمشاج نبتليه فجعلناه سميعًا بصيرًا} (الإنسان:2).
والسؤال
الذي يطرح نفسه الآن هو:
هل في غض البصر عن المحرمات أثر
على صحة الإنسان؟
يقول الدكتور محمد السقا عيد - أخصائي جراحة
العيون -:
ثبت علميًا بالأبحاث والدراسات الطبية أن تكرار النظر
بشهوة إلى الجنس الآخر، وما يصاحبه من تولد رغبات جامحة لإشباع الغرائز
المكبوتة، كل ذلك يفضي بالشخص إلى مشاكل عديدة قد تصل إلى إصابة جهازه
التناسلي بأمراض وخيمة مثل: احتقان البروستاتا، أو الضعف الجنسي، وأحيانًا
العقم الكلي.
كما أثبتت بعض الدراسات الاجتماعية في المجتمعات
الغربية أن عدم غض البصر يورث الاكتئاب والأمراض النفسية، وأن التفسخ
الأخلاقي والتحلل الجنسي في تلك المجتمعات إنما هو بعض من نتائج عدم وجود
دستور ديني أو قيود أدبية أخلاقية، ينظم عمل هذه الحاسة النبيلة، ويرشد
استخدامها في الحياة بما يتوافق مع صحة الإنسان البدنية والنفسية.
فحاسة
النظر أقوى الحواس على الإطلاق من ناحية الاستجابة للإثارة الجنسية، ومعنى
أن يستخدمها الإنسان بلا وعي ولا نظام في النظر إلى كل مثير للشهوة، فإن
هذا يعني ببساطة أن صاحبها يبددها دون أن يدري، ويتبعها في هذا تبديد
توازنه النفسي وبلا طائل يجنيه سوى توهم المتعة بما يرى.
ويقول
ابن القيم في ( الداء والدواء ): النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، ومن
أطلق لحظاته دامت حسراته، وفي غض البصر عدة منافع منها:
1- أنه
إمتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده قل للمؤمنين
يغضوا من أبصارهم .
2- أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل
فيه هلاكه الى قلبه.
3- أنه يورث القلب أنساً بالله وجمعية عليه،
فإن أطلاق البصر يفرق القلب ويشتته وبيعده عن الله.
4- أنه يقوي
القلب ويفرحه كما أن إطلاق البصر يضعف القلب ويحزنه.
5- أنه يكسب
القلب نوراً، ولهذا ذكر الله سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر، فقال
تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.. ثم قال إثر ذلك الله نور السماوات
والأرض... .
6- أنه يورث فراسة صادقة يميز بها بين الحق والباطل،
فالله تعالى يجزي العبد على عمله بما هو من جنس العمل، فإن غض بصره عن
محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته ويفتح عليه باب العلم والإيمان
والمعرفة والفراسة الصادقة.
7- أنه يورث القلب ثباتاً وشجاعة وقوة.
8-
أنه يسد على الشيطان مدخله إلى القلب فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى
القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي.
9- أنه يفرغ القلب
للفكرة في مصالحه والإشتغال بها.
10- أن بين العين والقلب منفذاً
وطريقاً يوجب إنفصال أحدهما عن الآخر، وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده فإذا
فسد القلب فسد النظر وإذا فسد النظر فسد القلب، وكذلك في جانب الصلاح.
هذه
إشارة إلى بعض فوائد غض البصر تطلعك على ماورائها.
أسأل
الله بمنه وكرمه أن يعصمني وإياكم من الزلل، كما اسأله أن نكون ممن استخدم
نعم الله في مرضاته .